للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَاةُ فِيهَا: إمَّا مُحَرَّمَةً كَالْحُشُوشِ وَالْكُنُفِ أَوْ مَكْرُوهَةً كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْأَخْبَاثِ وَالْأَنْجَاسِ. فَأَمَّا أَنْ يَسْتَحِبَّ الصَّلَاةَ فِيهَا وَيُسَمِّيَهَا بَرَكَةً وَيَكُونَ شَأْنُهَا شَأْنَ الْحُشُوشِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ. وَحَاشَا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا مُوسَى صَلَّى فِي مَبَارِكِ الْغَنَمِ وَأَشَارَ إلَى الْبَرِيَّةِ وَقَالَ: هَاهُنَا وَثَمَّ سَوَاءٌ. وَهُوَ الصَّاحِبُ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ بِالتَّنْزِيلِ الْفَاهِمُ لِلتَّأْوِيلِ. سَوَّى بَيْنَ مَحَلِّ الأبعار وَبَيْنَ مَا خَلَا عَنْهَا فَكَيْفَ يُجَامِعُ هَذَا الْقَوْلَ بِنَجَاسَتِهَا. وَأَمَّا نَهْيُهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ فَلَيْسَتْ اخْتَصَّتْ بِهِ دُونَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ وَالْخَيْلِ إذْ لَوْ كَانَ السَّبَبُ نَجَاسَةَ الْبَوْلِ لَكَانَ تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ. وَهُوَ مُمْتَنِعٌ يَقِينًا.

الدَّلِيلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ سَابِعٌ: مَا ثَبَتَ وَاسْتَفَاضَ مِنْ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَدْخَلَهَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} الَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَبَرَّكَهَا حَتَّى طَافَ أُسْبُوعًا. وَكَذَلِكَ إذْنُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَنْ تَطُوفَ رَاكِبَةً وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَ الدَّوَابِّ مِنْ الْعَقْلِ مَا تَمْتَنِعُ بِهِ مِنْ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ الْمَأْمُورِ بِتَطْهِيرِهِ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. فَلَوْ كَانَتْ أَبْوَالُهَا نَجِسَةً لَكَانَ فِيهِ تَعْرِيضُ