للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلتَّنْجِيسِ مَعَ أَنَّ الضَّرُورَةَ مَا دَعَتْ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْحَاجَةُ دَعَتْ إلَيْهِ وَلِهَذَا اسْتَنْكَرَ بَعْضُ مَنْ يَرَى تَنْجِيسَهَا إدْخَالُ الدَّوَابِّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَحَسْبُك بِقَوْلِهِ بُطْلَانًا رَدُّهُ فِي وَجْهِ السُّنَّةِ الَّتِي رِيبَ فِيهَا.

الدَّلِيلُ الْخَامِسُ وَهُوَ الثَّامِنُ: مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {فَأَمَّا مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ} وَهَذَا تَرْجَمَةُ الْمَسْأَلَةِ؛ إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَبُولًا وَرَدًّا. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى جَابِرٍ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا رَيْبَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ قَوْلُ صَاحِبٍ وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَأَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ. وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ انْتَشَرَ فِي سَائِرِهِمْ وَلَمْ يُنْكِرُوهُ فَصَارَ إجْمَاعًا سكوتيا.

الدَّلِيلُ السَّادِسُ وَهُوَ التَّاسِعُ: الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سَاجِدًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي معيط إلَى قَوْمٍ قَدْ نَحَرُوا جَزُورًا لَهُمْ فَجَاءَ بِفَرْثِهَا وَسَلَاهَا فَوَضَعَهُمَا عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاجِدٌ وَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ} فَهَذَا أَيْضًا بَيِّنٌ فِي أَنَّ