فِي ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي إجَابَةَ دُعَاءِ غَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ مِنْهُ إلَيْهِمْ كَالْإِيمَانِ بِهِمْ وَالطَّاعَةِ لَهُمْ أَوْ بِسَبَبِ مِنْهُمْ إلَيْهِ: كَدُعَائِهِمْ لَهُ وَشَفَاعَتِهِمْ فِيهِ. فَهَذَانِ الشَّيْئَانِ يُتَوَسَّلُ بِهِمَا. وَأَمَّا الْإِقْسَامُ بِالْمَخْلُوقِ فَلَا. وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ الْعَامَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: " {إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِجَاهِي فَإِنَّ جَاهِي عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} حَدِيثٌ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ: هَلْ يَجُوزُ تَعْظِيمُ مَكَانٍ فِيهِ خَلُوقٌ وَزَعْفَرَانٌ؛ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُئِيَ عِنْدَهُ. فَيُقَالُ: بَلْ تَعْظِيمُ مِثْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ وَاِتِّخَاذُهَا مَسَاجِدَ وَمَزَارَاتٍ لِأَجْلِ ذَلِكَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ نُهِينَا عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِيهَا. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ فِي السَّفَرِ فَرَأَى قَوْمًا يَبْتَدِرُونَ مَكَانًا فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالُوا: مَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: وَمَكَانٌ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَتَّخِذُوا آثَارَ أَنْبِيَائِكُمْ مَسَاجِدَ مَنْ أَدْرَكَتْهُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَإِلَّا فَلْيَمْضِ وَهَذَا قَالَهُ عُمَرُ بِمَحْضَرِ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي أَسْفَارِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute