للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَسْطِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّنْبِيهُ عَلَى جِنْسِ قَوْلِ الْقَائِلِ: هَذَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا " الْحَوَالَةُ " فَمَنْ قَالَ: تُخَالِفُ الْقِيَاسَ قَالَ: إنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَامٌّ وَلَا إجْمَاعٌ. وَإِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْكَالِئُ هُوَ الْمُؤَخَّرُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ بِالْمُؤَخَّرِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ وَهَذَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُؤَخَّرٌ فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ بَيْعُ كَالِئٍ بِكَالِئِ. وَأَمَّا بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَيَنْقَسِمُ إلَى بَيْعِ وَاجِبٍ بِوَاجِبِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَيَنْقَسِمُ إلَى بَيْعِ سَاقِطٍ بِسَاقِطِ وَسَاقِطٍ بِوَاجِبِ. وَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْحَوَالَةَ مِنْ جِنْسِ إيفَاءِ الْحَقِّ لَا مِنْ جِنْسِ الْبَيْعِ. فَإِنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إذَا اسْتَوْفَى مِنْ الْمَدِينِ مَالَهُ كَانَ هَذَا اسْتِيفَاءً فَإِذَا أَحَالَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ قَدْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلِهَذَا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ