عِنْدَهُمْ سُنَّةً سَنَّهَا لَهُمْ. وَكَذَلِكَ أَزْوَاجُهُ كُنَّ عَلَى عَهْدِ الْخُلَفَاءِ وَبَعْدَهُمْ يُسَافِرُونَ إلَى الْحَجِّ ثُمَّ تَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى بَيْتِهَا كَمَا وَصَّاهُنَّ بِذَلِكَ. وَكَانَتْ أَمْدَادُ الْيَمَنِ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ يَأْتُونَ أَفْوَاجًا مِنْ الْيَمَن لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَيُصَلُّونَ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي مَسْجِدِهِ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى دَاخِلِ الْحُجْرَةِ وَلَا يَقِفُ فِي الْمَسْجِدِ خَارِجًا لَا لِدُعَاءِ وَلَا لِصَلَاةِ وَلَا سَلَامٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ. وَكَانُوا عَالِمِينَ بِسُنَّتِهِ كَمَا عَلَّمَتْهُمْ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَنَّ حُقُوقَهُ لَازِمَةٌ لِحُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ جَمِيعَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَأَحَبَّهُ مِنْ حُقُوقِهِ وَحُقُوقِ رَسُولِهِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يُؤْمَرُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ وَالْبِقَاعِ. فَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَ قَبْرِهِ الْمُكَرَّمِ بِأَوْكَدَ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ. بَلْ صَاحِبُهَا مَأْمُورٌ بِهَا حَيْثُ كَانَ: إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا عِنْدَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَكِّدَةِ لَهَا كَالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالْأَذَانِ. وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ هُوَ عِنْدَ قَبْرِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ. بَلْ نَفْسُ مَسْجِدِهِ لَهُ فَضِيلَةٌ لِكَوْنِهِ مَسْجِدَهُ. وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْرِ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَضِيلَةٌ إذْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهِ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَإِنَّمَا حَدَثَتْ لَهُ الْفَضِيلَةُ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَمَّا أَدْخَلَ الْحُجْرَةَ فِي مَسْجِدِهِ فَهَذَا لَا يَقُولُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute