للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَكَذَا الْحَسَدُ يَقَعُ كَثِيرًا بَيْنَ الْمُتَشَارِكِينَ فِي رِئَاسَةٍ أَوْ مَالٍ إذَا أَخَذَ بَعْضُهُمْ قِسْطًا مِنْ ذَلِكَ وَفَاتَ الْآخَرُ؛ وَيَكُونُ بَيْنَ النُّظَرَاءِ لِكَرَاهَةِ أَحَدِهِمَا أَنْ يُفَضَّلَ الْآخَرُ عَلَيْهِ كَحَسَدِ إخْوَةِ يُوسُفَ كَحَسَدِ ابْنَيْ آدَمَ أَحَدُهُمَا لِأَخِيهِ فَإِنَّهُ حَسَدَهُ لِكَوْنِ أَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ قُرْبَانَهُ وَلَمْ يَتَقَبَّلْ قُرْبَانَ هَذَا؛ فَحَسَدَهُ عَلَى مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى - كَحَسَدِ الْيَهُودِ لِلْمُسْلِمِينَ - وَقَتْلِهِ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قِيلَ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ ثَلَاثَةٌ: الْحِرْصُ وَالْكِبْرُ وَالْحَسَدُ. فَالْحِرْصُ مِنْ آدَمَ وَالْكِبْرُ مِنْ إبْلِيسَ وَالْحَسَدُ مِنْ قَابِيلَ حَيْثُ قَتَلَ هَابِيلَ. وَفِي الْحَدِيثِ {ثَلَاثٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الْحَسَدُ وَالظَّنُّ وَالطِّيَرَةُ. وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ إذَا حَسَدْت فَلَا تُبْغِضْ وَإِذَا ظَنَنْت فَلَا تُحَقِّقْ وَإِذَا تَطَيَّرْت فَامْضِ} رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {دَبَّ إلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ وَهِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ} فَسَمَّاهُ دَاءً كَمَا سَمَّى الْبُخْلَ دَاءً فِي قَوْلِهِ: {وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ} فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا مَرَضٌ وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ {أَعُوذُ بِك مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ} فَعَطَفَ الْأَدْوَاءَ عَلَى الْأَخْلَاقِ وَالْأَهْوَاءِ.