للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَوَاَللَّهِ مَا دَلَّهُمْ عَلَى عِظَمِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَمَا تُحِيطُ بِهِ قَبْضَتُهُ إلَّا صِغَرُ نَظِيرِهَا مِنْهُمْ عِنْدَهُمْ إنَّ ذَلِكَ الَّذِي أُلْقِيَ فِي رُوعِهِمْ؛ وَخَلَقَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ قُلُوبَهُمْ فَمَا وَصَفَ اللَّهُ مِنْ نَفْسِهِ وَسَمَّاهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ سَمَّيْنَاهُ كَمَا سَمَّاهُ وَلَمْ نَتَكَلَّفْ مِنْهُ عِلْمَ مَا سِوَاهُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا لَا نَجْحَدُ مَا وَصَفَ وَلَا نَتَكَلَّفُ مَعْرِفَةَ مَا لَمْ يَصِفْ انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الْمَخْلُوقَاتِ كَالْكُرَةِ وَهَذَا قَبْضُهُ لَهَا وَرَمْيُهُ بِهَا وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَنَا مِنْ عَظَمَتِهِ وَصْفَ الْمَخْلُوقَاتِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَا يُعْقَلُ نَظِيرُهُ مِنَّا. ثُمَّ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهَا وَفَعَلَ بِهَا مَا ذَكَرَ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا وَيَدْحُوَهَا كَالْكُرَةِ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِهَا مَا لَا يَخْفَى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ مُبَايِنٌ لَهَا لَيْسَ بمحايث لَهَا. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا - وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى - إذَا كَانَ عِنْدَهُ خَرْدَلَةٌ إنْ شَاءَ قَبَضَهَا فَأَحَاطَتْ بِهَا قَبْضَتُهُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ جَعَلَهَا تَحْتَهُ فَهُوَ فِي الْحَالَتَيْنِ مُبَايِنٌ لَهَا وَسَوَاءٌ قُدِّرَ أَنَّ الْعَرْشَ هُوَ مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ - كَإِحَاطَةِ الْكُرَةِ بِمَا فِيهَا - أَوْ قِيلَ إنَّهُ فَوْقَهَا وَلَيْسَ مُحِيطًا بِهَا؛ كَوَجْهِ الْأَرْضِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوْفِهَا وَكَالْقُبَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا تَحْتَهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ الْعَرْشُ فَوْقَ الْمَخْلُوقَاتِ وَالْخَالِقُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوْقَهُ وَالْعَبْدُ فِي تَوَجُّهِهِ إلَى اللَّهِ يَقْصِدُ الْعُلُوَّ دُونَ التَّحْتِ وَتَمَامُ هَذَا بِبَيَانِ: