للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَفْتَقِرُ إلَيْهِ فَكُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ. وَاَللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَهُوَ فَقِيرٌ إلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ فَهَذَا صَحِيحٌ. سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْجِهَةِ أَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ الْجِهَةِ.

وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْجَبْرِ " إذَا قَالَ: هَلْ الْعَبْدُ مَجْبُورٌ أَوْ غَيْرُ مَجْبُورٍ؟ قِيلَ: إنْ أَرَادَ بِالْجَبْرِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَشِيئَةٌ؛ أَوْ لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ؛ أَوْ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ؛ فَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِأَفْعَالِهِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَهُوَ يَفْعَلُهَا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِالْجَبْرِ أَنَّهُ خَالِقُ مَشِيئَتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَفِعْلَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقُ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَإِذَا قَالَ: الْإِيمَانُ مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ قِيلَ لَهُ: مَا تُرِيدُ " بِالْإِيمَانِ "؟ أَتُرِيدُ بِهِ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ كَقَوْلِهِ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَ " إيمَانُهُ " الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمُؤْمِنُ فَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ أَوْ تُرِيدُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ فَالْعِبَادُ كُلُّهُمْ مَخْلُوقُونَ وَجَمِيعُ أَفْعَالِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ وَلَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ الْمُحْدَثِ الْمَخْلُوقِ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَلَا يَقُولُ هَذَا مَنْ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ فَإِذَا حَصَلَ الِاسْتِفْسَارُ وَالتَّفْصِيلُ ظَهَرَ الْهُدَى وَبَانَ السَّبِيلُ وَقَدْ قِيلَ أَكْثَرُ اخْتِلَافِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جِهَةِ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ وَأَمْثَالِهَا مِمَّا كَثُرَ فِيهِ تَنَازُعُ النَّاسِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ إذَا فُصِلَ فِيهَا الْخِطَابُ ظَهَرَ الْخَطَأُ مِنْ الصَّوَابِ. وَالْوَاجِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنَّ مَا أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَثْبَتُوهُ وَمَا نَفَاهُ الْكِتَابُ