فَصْلٌ:
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ دِينَ اللَّهِ وَسَطٌ بَيْنَ الْغَالِي فِيهِ، وَالْجَافِي عَنْهُ. وَاَللَّهُ تَعَالَى مَا أَمَرَ عِبَادَهُ بِأَمْرِ إلَّا اعْتَرَضَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِأَمْرَيْنِ لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظَفِرَ: إمَّا إفْرَاطٌ فِيهِ وَإِمَّا تَفْرِيطٌ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ الْإِسْلَامُ الَّذِي هُوَ دِينُ اللَّهِ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاهُ قَدْ اعْتَرَضَ الشَّيْطَانُ كَثِيرًا مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ؛ حَتَّى أَخْرَجَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ شَرَائِعِهِ؛ بَلْ أَخْرَجَ طَوَائِفَ مِنْ أَعْبَدْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَوْرَعِهَا عَنْهُ حَتَّى مَرَقُوا مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ. وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ الْمَارِقِينَ مِنْهُ؛ فَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا مِنْ رِوَايَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ " عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الخدري وَسَهْلِ بْن حنيف وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ. {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَالَ يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ أَوْ فَقَاتِلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ} وَفِي رِوَايَةٍ {شَرُّ قَتِيلٍ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ خَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute