للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ قَوْلَهُ {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا مَا يُصِيبهُمْ مِنْ الْمَصَائِبِ بِسَبَبِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ. وَكَانُوا يَقُولُونَ: النِّعْمَةُ الَّتِي تُصِيبُنَا هِيَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَالْمُصِيبَةُ مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ. أَيْ بِسَبَبِ دِينِهِ وَمَا أَمَرَ بِهِ. فَقَالَ تَعَالَى: قُلْ هَذَا وَهَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. لَا مِنْ عِنْدِ مُحَمَّدٍ. مُحَمَّدٌ لَا يَأْتِي لَا بِنِعْمَةِ وَلَا بِمُصِيبَةِ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} قَالَ: السدي وَغَيْرُهُ: هُوَ الْقُرْآنُ. فَإِنَّ الْقُرْآنَ إذَا هُمْ فَقُهُوا مَا فِيهِ: تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْخَيْرِ، وَالْعَدْلِ، وَالصَّدْقِ، وَالتَّوْحِيدِ. لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمَصَائِبِ. فَإِنَّهُمْ إذَا فَهِمُوا مَا فِي الْقُرْآنِ عَلِمُوا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّرِّ مُطْلَقًا. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ: يَعْلَمُ بِالْأَمْرِ بِهِ حَسَنِهِ وَنَفْعِهِ، وَأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لِلْعِبَادِ. وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ: قَدْ يَأْمُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُمْ فِيهِ إذَا فَعَلُوهُ. بَلْ فِيهِ مَضَرَّةٌ لَهُمْ.