للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْجَائِزُ مِنْهَا فَمِثْلُ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مُوسَى وَالْخَضِرِ: أَنَّهُمَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا. وَمِثْلُ قَوْلِهِ: {لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ أَوْ غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ فَقْرٍ مُدْقِعٍ} وَمِثْلُ {قَوْلِهِ لقبيصة بْنِ مخارق الْهِلَالِيِّ: يَا قَبِيصَةُ لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِثَلَاثَةِ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ: فَسَأَلَ حَتَّى يَجِدَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَسَأَلَ حَتَّى يَجِدَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ثُمَّ يُمْسِكُ. وَرَجُلٌ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَسَأَلَ حَتَّى يَجِدَ حَمَالَتَهُ ثُمَّ يُمْسِكُ. وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّمَا هِيَ سُحْتٌ يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا} . وَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ - لَا أَهْلِ الصُّفَّةِ وَلَا غَيْرِهِمْ - مَنْ يَتَّخِذُ مَسْأَلَةَ النَّاسِ وَلَا الْإِلْحَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِالْكُدْيَةِ وَالشِّحَاذَةِ لَا بِالزِّنْبِيلِ وَلَا غَيْرِهِ صِنَاعَةً وَحِرْفَةً بِحَيْثُ لَا يَبْتَغِي الرِّزْقَ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَيْضًا أَهْلُ فُضُولٍ مِنْ الْأَمْوَالِ يَتْرُكُونَ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ وَلَا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يُعْطَوْنَ فِي النَّوَائِبِ. بَلْ هَذَانِ الصِّنْفَانِ الظَّالِمَانِ الْمُصِرَّانِ عَلَى الظُّلْمِ الظَّاهِرِ مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَالْمُتَعَدِّينَ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ كَانَا مَعْدُومَيْنِ فِي الصَّحَابَةِ الْمُثْنَى عَلَيْهِمْ.