للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِيسَى بِالْكَلِمَةِ وَلَا كَيْفَ أَرْسَلَ إلَيْهَا رُوحَهُ فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ} . وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ أَنْزَلَ كَلَامًا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمِيعُ الْأُمَّةِ لَا يَعْلَمُونَ مَعْنَاهُ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَذَا الْقَوْلُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ خَطَأٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ هَذَا تَأْوِيلُ الْقُرْآنِ لَا يَعْلَمُهُ الرَّاسِخُونَ أَوْ كَانَ لِلتَّأْوِيلِ مَعْنَيَانِ: يَعْلَمُونَ أَحَدَهُمَا وَلَا يَعْلَمُونَ الْآخَرَ وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّسُولَ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَبَيْنَ أَنْ يُقَالَ: الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ كَانَ هَذَا الْإِثْبَاتُ خَيْرًا مِنْ مِنْ ذَلِكَ النَّفْيِ فَإِنَّ مَعْنَى الدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ مِمَّا يُمْكِنُ عِلْمُهُ وَفَهْمُهُ وَتَدَبُّرُهُ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ قَاطِعًا عَلَى أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ لَا يَعْلَمُونَ تَفْسِيرَ الْمُتَشَابِهِ فَإِنَّ السَّلَفَ قَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إنَّهُمْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ مِنْهُمْ مُجَاهِدٌ - مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ - وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَنَقَلُوا ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّهُ قَالَ: أَنَا مِنْ الرَّاسِخِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهُ.