للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} وَفِي قَوْله تَعَالَى {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} . وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَرْضِ حَتَّى إنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي الْأَمْثَالِ الْعَامِّيَّةِ: " لَا طَعْنَةَ وَلَا جَفْنَةَ " وَيَقُولُونَ: " لَا فَارِسَ الْخَيْلِ وَلَا وَجْهَ الْعَرَبِ ". وَلَكِنْ افْتَرَقَ النَّاسُ هُنَا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فَرِيقٌ غَلَبَ عَلَيْهِمْ حُبُّ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي عَاقِبَةِ الْمَعَادِ وَرَأَوْا أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَقُومُ إلَّا بِعَطَاءِ وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى الْعَطَاءُ إلَّا بِاسْتِخْرَاجِ أَمْوَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا؛ فَصَارُوا نَهَّابِينَ وَهَّابِينَ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَلَّى عَلَى النَّاسِ إلَّا مَنْ يَأْكُلُ وَيُطْعِمُ فَإِنَّهُ إذَا تَوَلَّى الْعَفِيفُ الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يُطْعِمُ سَخِطَ عَلَيْهِ الرُّؤَسَاءُ وَعَزَلُوهُ؛ إنْ لَمْ يَضُرُّوهُ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَهَؤُلَاءِ نَظَرُوا فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُمْ وَأَهْمَلُوا الْآجِلَ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَآخِرَتِهِمْ فَعَاقِبَتُهُمْ عَاقِبَةٌ رَدِيئَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مَا يُصْلِحُ عَاقِبَتَهُمْ مِنْ تَوْبَةٍ وَنَحْوِهَا. وَفَرِيقٌ عِنْدَهُمْ خَوْفٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَدِينٌ يَمْنَعُهُمْ عَمَّا يَعْتَقِدُونَهُ قَبِيحًا مِنْ ظُلْمِ الْخَلْقِ وَفِعْلِ الْمَحَارِمِ. فَهَذَا حَسَنٌ وَاجِبٌ؛ وَلَكِنْ قَدْ يَعْتَقِدُونَ مَعَ ذَلِكَ: أَنَّ السِّيَاسَةَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِمَا يَفْعَلُهُ أُولَئِكَ مِنْ الْحَرَامِ فَيَمْتَنِعُونَ عَنْهَا مُطْلَقًا؛ وَرُبَّمَا كَانَ فِي نُفُوسِهِمْ جُبْنٌ أَوْ بُخْلٌ أَوْ ضِيقُ خُلُقٍ يَنْضَمُّ إلَى مَا مَعَهُمْ مِنْ الدِّينِ فَيَقَعُونَ أَحْيَانًا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ يَكُونُ تَرْكُهُ