للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحَادِيثَ فِيهِمْ وَبَيَّنُوا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَظَهَرَتْ بِدْعَتُهُمْ فِي الْعَامَّةِ؛

فَجَاءَتْ بَعْدَهُمْ " الْمُعْتَزِلَةُ " - الَّذِينَ اعْتَزَلُوا الْجَمَاعَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُمْ: عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ الْغَزَالُ وَأَتْبَاعُهُمَا - فَقَالُوا: أَهْلُ الْكَبَائِرِ مُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ كَمَا قَالَتْ الْخَوَارِجُ وَلَا نُسَمِّيهِمْ لَا مُؤْمِنِينَ وَلَا كُفَّارًا؛ بَلْ فُسَّاقٌ نُنْزِلُهُمْ مَنْزِلَةً بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ. وَأَنْكَرُوا شَفَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِهِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ النَّارِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهَا. قَالُوا: مَا النَّاسُ إلَّا رَجُلَانِ: سَعِيدٌ لَا يُعَذَّبُ أَوْ شَقِيٌّ لَا يُنَعَّمُ، وَالشَّقِيُّ نَوْعَانِ: كَافِرٌ وَفَاسِقٌ وَلَمْ يُوَافِقُوا الْخَوَارِجَ عَلَى تَسْمِيَتِهِمْ كُفَّارًا. وَهَؤُلَاءِ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِمِثْلِ مَا رَدُّوا بِهِ عَلَى الْخَوَارِجِ.

فَيُقَالُ لَهُمْ كَمَا أَنَّهُمْ قَسَّمُوا النَّاسَ إلَى مُؤْمِنٍ لَا ذَنْبَ لَهُ وَكَافِرٍ لَا حَسَنَةَ لَهُ قَسَّمْتُمْ النَّاسَ إلَى مُؤْمِنٍ لَا ذَنْبَ لَهُ وَإِلَى كَافِرٍ وَفَاسِقٍ لَا حَسَنَةَ لَهُ فَلَوْ كَانَتْ حَسَنَاتُ هَذَا كُلُّهَا مُحْبَطَةً وَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ لَاسْتَحَقَّ الْمُعَادَاةَ الْمَحْضَةَ بِالْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ كَمَا يَسْتَحِقُّهَا الْمُرْتَدُّ؛ فَإِنَّ هَذَا قَدْ أَظْهَرَ دِينَهُ بِخِلَافِ الْمُنَافِقِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَجَعَلَ مَا دُونَ ذَلِكَ الشِّرْكِ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَتِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى التَّائِبِ؛ فَإِنَّ التَّائِبَ لَا فَرْقَ فِي حَقِّهِ بَيْنَ