وَأَرْبَعِ ركوعات أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى ذَلِكَ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَمُتْ مَرَّتَيْنِ وَلَا كَانَ لَهُ إبْرَاهِيمَانِ وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الْكُسُوفَ يَوْمَئِذٍ رُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ إلَّا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَهَذَا حَذْفٌ مِنْ مُسْلِمٍ؛ وَلِهَذَا ضَعَّفَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَحَادِيثَ الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَلَمْ يَسْتَحِبُّوا ذَلِكَ وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ ضَعْفُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. وَمِثْلُهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: {إنَّ اللَّهَ خَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ} فَإِنَّ هَذَا طَعْنٌ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَمِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَطَائِفَةٌ اعْتَبَرَتْ صِحَّتَهُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرُهُ وَافَقُوا الَّذِينَ ضَعَّفُوهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَثَبَتَ أَنَّ آخِرَ الْخَلْقِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَهَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أَسْمَاءُ الْأَيَّامِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ فِي أَحَادِيثَ وَآثَارٍ أُخَرَ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute