للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَرَبِيِّ وَمَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ قَائِمٌ بِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ فَلَا تَكُونُ الْحُرُوفُ الَّتِي هِيَ مَبَانِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَكُتُبُهُ الْمُنَزَّلَةُ مَخْلُوقَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِهَا.

فَصْلٌ:

ثُمَّ تَنَازَعَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُرُوفِ الْمَوْجُودَةِ فِي كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ. وَسَبَبُ نِزَاعِهِمْ أَمْرَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْكَلَامِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ اللَّهُ بِهِ فَيُسْمَعُ مِنْهُ وَبَيْنَ مَا إذَا بَلَّغَهُ عَنْهُ مُبَلِّغٌ فَسُمِعَ مِنْ ذَلِكَ الْمُبَلِّغِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَكَلَّمَ بِهِ بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ؛ فَإِذَا قَرَأَهُ الْقُرَّاءُ قَرَءُوهُ بِأَصْوَاتِ أَنْفُسِهِمْ. فَإِذَا قَالَ الْقَارِئُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} كَانَ هَذَا الْكَلَامُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ كَلَامَ اللَّهِ لَا كَلَامَ نَفْسِهِ وَكَانَ هُوَ قَرَأَهُ بِصَوْتِ نَفْسِهِ لَا بِصَوْتِ اللَّهِ فَالْكَلَامُ كَلَامُ الْبَارِي وَالصَّوْتُ صَوْتُ الْقَارِئِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ} وَكَانَ يَقُولُ: {أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إلَى قَوْمِهِ لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي؟ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي} وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ ثَابِتٌ فَبَيَّنَ أَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي يُبَلِّغُهُ كَلَامُ رَبِّهِ وَبَيَّنَ أَنَّ الْقَارِئَ