وَلَكِنْ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْحَجْرَ. وَإِنْ قَالَ: إنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ يَعْلَمُ أَنِّي كُنْت مَحْجُورًا عَلَيَّ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْإِكْرَاهَ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمَضْمُونِ لَهُ.
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ ضَامِنٍ يَطْلُبُ مِنْهُ السُّلْطَانُ عَلَى الْأَفْرَاحِ الَّتِي يَحْصُلُ فِيهَا بَعْضُ الْمُنْكَرَاتِ: مِنْ غِنَاءِ النِّسَاءِ الْحَرَائِرِ لِلرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِإِبْطَالِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَبْطَلَهُ وَطَالَبَ الضَّامِنَ بِالْمَالِ الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْهُ إلَّا عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الضَّمَانِ وَجَبَ لِذَلِكَ الْفِعْلِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي الضَّمَانِ وَالضَّامِنُ يَعْتَقِدُ دُخُولَهُ؛ لِجَرَيَانِ عَادَةِ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِهِ وَأَنَّ الضَّمَانَ وَقَعَ عَلَى الْحَالَةِ وَالْعَادَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
فَأَجَابَ:
ظُلْمُ الضَّامِنِ بِمُطَالَبَتِهِ بِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا أَبْلَغُ تَحْرِيمًا مِنْ غِنَاءِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْعَقْلِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَمَّا هَذَا الْغَنَاءُ فَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْعُو إلَى الزِّنَا كَمَا حَرَّمَ النَّظَرَ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ خِلَافًا شَاذًّا؛ وَلِأَنَّ غِنَاءَ الْإِمَاءِ الَّذِي يَسْمَعُهُ الرَّجُلُ قَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يَسْمَعُونَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute