" الثَّامِنُ " أَنَّ فِرَاقَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ وَاجِبٌ بِالشَّرْعِ عَيْنًا. وَاَللَّهُ لَمْ يُوجِبْ الطَّلَاقَ عَيْنًا قَطُّ؛ بَلْ أَوْجَبَ إمَّا الْإِمْسَاكَ بِالْمَعْرُوفِ وَإِمَّا التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانِ. " التَّاسِعُ ": أَنَّ الطَّلَاقَ مَكْرُوهٌ فِي الْأَصْلِ. وَلِهَذَا لَمْ يُرَخِّصْ اللَّهُ فِيهِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ وَحَرَّمَ الزَّوْجَةَ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ: عُقُوبَةً لِلرَّجُلِ لِئَلَّا يُطَلِّقَ وَهُنَا الْفُرْقَةُ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَرَسُولُهُ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ دَاخِلًا فِي الْجِنْسِ الَّذِي يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَارَ هَذَا كَمَا أَنَّ هِجْرَةَ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ مَحْظُورَةً فِي الْأَصْلِ رَخَّصَ الشَّارِعُ مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ. فَأَمَّا الْهِجْرَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا: كَهِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لِلثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا خَمْسِينَ لَيْلَةً فَإِنَّهَا كَانَتْ هِجْرَةً يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَلَا تَكُونُ مِنْ جِنْسِ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ أُبِيحَ مِنْهُ الثَّلَاثُ لِلْحَاجَةِ وَكَذَلِكَ إحْدَادُ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لَمَّا كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْأَصْلِ أُبِيحَ مِنْهُ الثَّلَاثُ لِلْحَاجَةِ. فَأَمَّا إحْدَادُ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَلَمَّا كَانَ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَا كَرِهَهُ اللَّهُ وَرَخَّصَ مِنْهُ فِي ثَلَاثٍ لِلْحَاجَةِ فَكَذَلِكَ الْفُرْقَةُ الَّتِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهَا وَرَسُولُهُ لَا تَكُونُ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ الَّذِي يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَرَخَّصَ مِنْهُ فِي ثَلَاثٍ لِلْحَاجَةِ. وَالْخُلْعُ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ {عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ مِنْ خُلُقٍ وَلَا دِينٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute