للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ وَإِنَّ الْمَخْلُوقَاتِ قَدْ حَازَتْهُ وَأَحَاطَتْ بِهِ فَهَذَا بَاطِلٌ. وَإِنْ قَالَ أَعْنِي بِهِ أَنَّهُ مُنْحَازٌ عَنْ الْمَخْلُوقَاتِ مُبَايِنٌ لَهَا فَهَذَا حَقٌّ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمَخْلُوقَ لَا يَحُوزُ الْخَالِقَ فَقَدْ أَصَابَ وَإِنْ قَالَ إنَّ الْخَالِقَ لَا يُبَايِنُ الْمَخْلُوقَ وَيَنْفَصِلُ عَنْهُ فَقَدْ أَخْطَأَ. وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَالنَّاسُ فِي الْجَوَابِ عَنْ حُجَّتِهِ الدَّاحِضَةِ - وَهِيَ قَوْلُهُ " لَوْ قُلْت إنَّهُ كَلَّمَهُ فَالْكَلَامُ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَرْفِ وَصَوْتٍ وَالْحَرْفُ وَالصَّوْتُ مُحْدَثٌ " - ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ مَنَعُوهُ الْمُقَدِّمَةَ الْأُولَى وَصِنْفٌ مَنَعُوهُ الْمُقَدِّمَةَ الثَّانِيَةَ - وَصِنْفٌ لَمْ يَمْنَعُوهُ الْمُقَدِّمَتَيْنِ بَلْ اسْتَفْسَرُوهُ وَبَيَّنُوا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا. فَ " الصِّنْفُ الْأَوَّلُ " أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كُلَّابٍ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ وَمِنْ اتَّبَعَهُمَا قَالُوا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَرْفِ وَصَوْتٍ بَلْ الْكَلَامُ مَعْنًى قَائِمٌ بِذَاتِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ عِبَارَةٌ عَنْهُ " وَذَلِكَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِكُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ وَالْخَبَرَ عَنْ كُلِّ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ إنْ عُبِّرَ عَنْهُ بالسريانية كَانَ إنْجِيلًا وَقَالُوا: إنَّهُ اسْمُ الْكَلَامِ حَقِيقَةً فَيَكُونُ اسْمُ الْكَلَامِ مُشْتَرَكًا أَوْ مَجَازًا فِي كَلَامِ الْخَالِقِ وَحَقِيقَةً فِي كَلَامِ الْمَخْلُوقِ.