للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنْ تَقُولُ بِحَرْفِ وَصَوْتٍ خَلَقَهُ فِي الْهَوَاءِ وَتَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُومَ بِهِ الْحُرُوفُ وَالْأَصْوَاتُ لِأَنَّهَا لَا تَقُومُ إلَّا بِمُتَحَيِّزِ وَالْبَارِي لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ وَمَنْ قَالَ إنَّهُ مُتَحَيِّزٌ فَقَدْ كَفَرَ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ جَحَدَ مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَانَ أَوْلَى بِالْكُفْرِ مِمَّنْ أَقَرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَإِنْ قَالَ الْجَاحِدُ لِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إنَّ الْعَقْلَ مَعَهُ قَالَ لَهُ الْمُوَافِقُ لِلنُّصُوصِ: بَلْ الْعَقْلُ مَعِي وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهَذَا يَقُولُ إنَّ مَعَهُ السَّمْعَ وَالْعَقْلَ وَذَاكَ إنَّمَا يَحْتَجُّ لِقَوْلِهِ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْعَقْلِ الَّذِي يُبَيِّنُ مُنَازِعُهُ فَسَادَهُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْعَقْلَ مَعَهُ. " وَالْكُفْرُ " هُوَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ خَالَفَ شَيْئًا عُلِمَ بِنَظَرِ الْعَقْلِ يَكُونُ كَافِرًا وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ جَحَدَ بَعْضَ صَرَائِحِ الْعُقُولِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ حَتَّى يَكُونَ قَوْلُهُ كُفْرًا فِي الشَّرِيعَةِ. وَأَمَّا مَنْ خَالَفَ مَا عُلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ جَاءَ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا الْإِخْبَارُ عَنْ اللَّهِ بِأَنَّهُ مُتَحَيِّزٌ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ وَلَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا وَهَذَا يَكْفُرُ. وَهَذَا اللَّفْظُ مُبْتَدَعٌ وَالْكَفْرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ أَسْمَاءٍ مُبْتَدَعَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَلْ يَسْتَفْسِرُ هَذَا الْقَائِلَ إذَا قَالَ: إنَّ اللَّهَ مُتَحَيِّزٌ أَوْ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ فَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِقَوْلِي إنَّهُ مُتَحَيِّزٌ