عَالِمِينَ وَغَيْرَ قَائِلِينَ فِي هَذَا الْبَابِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ لِأَنَّ ضِدَّ ذَلِكَ إمَّا عَدَمُ الْعِلْمِ وَالْقَوْلِ وَإِمَّا اعْتِقَادُ نَقِيضِ الْحَقِّ وَقَوْلِ خِلَافِ الصِّدْقِ. وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاةٍ وَطَلَبٍ لِلْعِلْمِ أَوْ نَهْمَةٍ فِي الْعِبَادَةِ يَكُونُ الْبَحْثُ عَنْ هَذَا الْبَابِ وَالسُّؤَالُ عَنْهُ وَمَعْرِفَةُ الْحَقِّ فِيهِ أَكْبَرَ مَقَاصِدِهِ وَأَعْظَمَ مَطَالِبِهِ؛ أَعْنِي بَيَانَ مَا يَنْبَغِي اعْتِقَادُهُ لَا مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ. وَلَيْسَتْ النُّفُوسُ الصَّحِيحَةُ إلَى شَيْءٍ أَشْوَقَ مِنْهَا إلَى مَعْرِفَةِ هَذَا الْأَمْرِ. وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْفِطْرَةِ الوجدية فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ مَعَ قِيَامِ هَذَا الْمُقْتَضِي - الَّذِي هُوَ مَنْ أَقْوَى الْمُقْتَضَيَاتِ - أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ مُقْتَضَاهُ فِي أُولَئِكَ السَّادَةِ فِي مَجْمُوعِ عُصُورِهِمْ هَذَا لَا يَكَادُ يَقَعُ فِي أَبْلَدِ الْخَلْقِ وَأَشَدِّهِمْ إعْرَاضًا عَنْ اللَّهِ وَأَعْظَمِهِمْ إكْبَابًا عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا وَالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَكَيْفَ يَقَعُ فِي أُولَئِكَ؟ وَأَمَّا كَوْنُهُمْ كَانُوا مُعْتَقِدِينَ فِيهِ غَيْرَ الْحَقِّ أَوْ قَائِلِيهِ: فَهَذَا لَا يَعْتَقِدُهُ مُسْلِمٌ وَلَا عَاقِلٌ عَرَفَ حَالَ الْقَوْمِ. ثُمَّ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْهُمْ: أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُمْكِنَ سَطْرُهُ فِي هَذِهِ الْفَتْوَى وَأَضْعَافِهَا يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ طَلَبَهُ وَتَتَبَّعَهُ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْخَالِفُونَ أَعْلَمَ مِنْ السَّالِفِينَ كَمَا قَدْ يَقُولُهُ بَعْضُ الْأَغْبِيَاءِ مِمَّنْ لَمْ يُقَدِّرْ قَدْرَ السَّلَفِ؛ بَلْ وَلَا عَرَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَقِيقَةَ الْمَعْرِفَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا: مِنْ أَنَّ " طَرِيقَةَ السَّلَفِ أَسْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute