وَهَذِهِ الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ تَتَفَرَّعُ إلَى أَسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ. السَّبَبُ الْأَوَّلُ: أَلَّا يَكُونَ الْحَدِيثُ قَدْ بَلَغَهُ. وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ لَمْ يُكَلَّفْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمُوجَبِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَلَغَهُ وَقَدْ قَالَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ بِمُوجَبِ ظَاهِرِ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ؛ أَوْ بِمُوجَبِ قِيَاسٍ؛ أَوْ مُوجَبِ اسْتِصْحَابٍ: فَقَدْ يُوَافِقُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ تَارَةً وَيُخَالِفُهُ أُخْرَى. وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ الْغَالِبُ عَلَى أَكْثَرِ مَا يُوجَدُ مِنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ مُخَالِفًا لِبَعْضِ الْأَحَادِيثِ؛ فَإِنَّ الْإِحَاطَةَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ لِأَحَدِ مِنْ الْأُمَّةِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ؛ أَوْ يُفْتِي؛ أَوْ يَقْضِي؛ أَوْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فَيَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ مَنْ يَكُونُ حَاضِرًا وَيُبَلِّغُهُ أُولَئِكَ أَوْ بَعْضُهُمْ لِمَنْ يُبَلِّغُونَهُ فَيَنْتَهِي عِلْمُ ذَلِكَ إلَى مَنْ يَشَاءُ اللَّهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ ثُمَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَدْ يُحَدِّثُ أَوْ يُفْتِي أَوْ يَقْضِي أَوْ يَفْعَلُ شَيْئًا وَيَشْهَدُهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَيُبَلِّغُونَهُ لِمَنْ أَمْكَنَهُمْ فَيَكُونُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُ الْعُلَمَاءُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ أَوْ جَوْدَتِهِ. وَأَمَّا إحَاطَةُ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute