قَبْلَ وُجُودِهِ وَعَمَلُ الْعَبْدِ حَرَكَتُهُ الَّتِي نَشَأَتْ عَنْهُ فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ. وَمَنْ فَسَّرَ كَلَامَهُ وَقَالَ: إنَّا لَمْ نُرِدْ الْحَرَكَةَ وَلَكِنْ أَرَدْنَا ثَوَابَهَا فَيُقَالُ لَهُ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ وَكَلَامُهُ وَصِفَاتُهُ لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ مُسَمَّاهُ؛ بَلْ كَلَامُهُ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: مَا سِوَى اللَّهِ وَصِفَاتِهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ لِيُزِيلَ هَذِهِ الشُّبْهَةَ كَانَ قَدْ قَصَدَ مَعْنًى صَحِيحًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: اللَّهُ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ إلَّا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ فَهَؤُلَاءِ اسْتَثْنَوْا الْقُرْآنَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمُ الْمُسْتَمِعُ أَنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ مَخْلُوقٌ. فَإِنَّ الْجَهْمِيَّة كَانُوا يَقُولُونَ لِلنَّاسِ: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ أَوْ غَيْرُ اللَّهِ؟ فَيُجِيبُهُمْ مَنْ لَا يَفْهَمُ مَقْصُودَهُمْ بِأَنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ فَيَقُولُونَ كُلُّ مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِئَلَّا يَظُنُّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَقَاصِدَ الْجَهْمِيَّة أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ لِظَنِّهِ أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: وَمَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَقَالُوا: إنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: وَمَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَقَالُوا: إلَّا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ وَإِنْ أَدْخَلَهُ مَنْ أَدْخَلَهُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ وَمَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ فَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْغَيْرِ وَالسِّوَى فِيهِمَا اشْتِرَاكٌ فَصِفَةُ الشَّيْءِ تَدْخُلُ تَارَةً فِي لَفْظِ الْغَيْرِ وَالسِّوَى وَتَارَةً لَا تَدْخُلُ وَالْمُخَاطَبُ مِمَّنْ يَفْهَمُ دُخُولَ الْقُرْآنِ فِي لَفْظِ السِّوَى اسْتَثْنَاهُ السَّلَفُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute