للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَلَمْ يَسْتَثْنِهَا أَحَدٌ مِنْ عُمُومِ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا الْقَدَرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْهَا - مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ -. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إنَّهَا مُحْدَثَةٌ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ إلَّا هَؤُلَاءِ الْحُلُولِيَّةُ وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ: إنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مِنْ الْخَيْرِ أَوْ الشَّرِّ قَدِيمَةٌ لَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ إلَّا عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمِصْرِيِّينَ وَبَلَغَنِي نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْأَعَاجِمِ وَرَأَيْتُ بَعْضَ شُيُوخِ هَؤُلَاءِ مِنْ الشَّامِيِّينَ تَوَقَّفُوا عَنْهَا فَقَالُوا: نَقُولُ هِيَ مَقْضِيَّةٌ مُقَدَّرَةٌ وَلَا نَقُولُ مَخْلُوقَةٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَبَعْضُ النَّاسِ فَرَّقَ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْخَيْرِ مِنْ الْإِيمَانِ وَكَلَامُ السَّلَفِ فِي " الْإِيمَانِ " مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهَذِهِ " الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ " بِقِدَمِهَا أَوْ قِدَمِ أَفْعَالِ الْخَيْرِ وَالتَّوَقُّفُ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ فَاسِدَةٌ بَاطِلَةٌ لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ وَلَا يَقُولُهَا مَنْ يَتَصَوَّرُ مَا يَقُولُ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ هَؤُلَاءِ فِيهَا مَا ظَنُّوهُ فِي " مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ بِالْقُرْآنِ " وَ " مَسْأَلَةِ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ " وَ " مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ ". وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَذَاهِبَ النَّاسِ فِي " مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ " وَبَيَّنَّا الْقَوْلَ الْحَقَّ وَالْوَسَطَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ الْمُوَافِقَ لِلْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ وَبَيَّنَّا انْحِرَافَ الْمُنْحَرِفِينَ مِنْ الْمُثْبِتَةِ والْنُّفَاةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.