وَيَحْتَجُّونَ بِأَنَّ إلْهَامَ الْفَاجِرِ طَرِيقَ الْفُجُورِ لَمْ يُسَمِّهِ هُدًى بَلْ سَمَّاهُ ضَلَالًا وَاَللَّهُ امْتَنَّ بِأَنَّهُ هَدَى. وَقَدْ يُجِيبُ الْآخَرُ بِأَنْ يَقُولَ: هُوَ لَا يَدْخُلُ فِي الْهُدَى الْمُطْلَقِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِي الْهُدَى الْمُقَيَّدِ كَقَوْلِهِ: {فَاهْدُوهُمْ إلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} وَكَمَا فِي لَفْظِ الْبِشَارَةِ قَالَ: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وَلَفْظُ الْإِيمَانِ فَقَالَ: {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} . وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي قَوْلِهِ: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} قِيلَ: هُوَ الْبَيَانُ الْعَامُّ وَقِيلَ: بَلْ أَلْهَمَ الْفَاجِرَ الْفُجُورَ وَالتَّقِيَّ التَّقْوَى. وَهَذَا فِي تِلْكَ الْآيَةِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْإِلْهَامَ اسْتِعْمَالُهُ مَشْهُورٌ فِي إلْهَامِ الْقُلُوبِ لَا فِي التَّبْيِينِ الظَّاهِرِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. وَقَدْ {عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُصَيْنًا الخزاعي لَمَّا أَسْلَمَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَقِنِي شَرَّ نَفْسِي} . وَلَوْ كَانَ الْإِلْهَامُ بِمَعْنَى الْبَيَانِ الظَّاهِرِ لَكَانَ هَذَا حَاصِلًا لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: و {سُوًى} مَعْنَاهُ عَدَّلَ وَأَتْقَنَ حَتَّى صَارَتْ الْأُمُورُ مُسْتَوِيَةً دَالَّةً عَلَى قُدْرَتِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ. وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ {قَدَرٍ} بِتَشْدِيدِ الدَّالِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute