للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ فِيهِ مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ مَا أَرْسَلَهُ مِنْ الرُّسُلِ وَنَصَبَهُ مِنْ الدَّلَائِلِ وَالْآيَاتِ وَأَعْطَاهُمْ مِنْ الْعُقُولِ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} . وَأَمَّا إدْخَالُ الْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِلْهَامُ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهُ هَدَى الْمُؤْمِنَ إلَى أَنْ يُؤْمِنَ وَيَعْمَلَ صَالِحًا إلَى أَنْ يَسْعَدَ بِذَلِكَ وَهَدَى الْكَافِرَ إلَى مَا يَعْمَلُهُ إلَى أَنْ يَشْقَى بِذَلِكَ فَهَذَا مِنْهُمْ مَنْ يُدْخِلُهُ فِي الْآيَةِ كَمُجَاهِدِ وَغَيْرِهِ وَيُدْخِلُهُ فِي قَوْلِهِ: {إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} . وَعِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ يُخْرِجُونَ ذَلِكَ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْقَدَرِ. وَمَنْ قَالَ: " هَدَى " بِمَعْنَى بَيَّنَ فَقَطْ فَقَدْ هَدَى كُلَّ عَبْدٍ إلَى نَجْدِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ جَمِيعًا أَيْ بَيَّنَ لَهُ طَرِيقَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَمَنْ أَدْخَلَ فِي ذَلِكَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ يَقُولُ: فِي هَذَا تَقْسِيمٌ أَيْ هَذِهِ الْهِدَايَةُ عَامَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَخَصَّ الْمُؤْمِنَ بِهِدَايَةِ إلَى نَجْدِ الْخَيْرِ وَخَصَّ الْكَافِرَ بِهِدَايَةِ إلَى نَجْدِ الشَّرِّ. وَمَنْ لَمْ يُدْخِلْ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ قَدْ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ مِنْ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ: إنَّمَا هُمَا النَّجْدَانِ نَجْدُ الْخَيْرِ وَنَجْدُ الشَّرِّ. فَمَا يُجْعَلُ نَجْدُ الشَّرِّ أَحَبُّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الْخَيْرِ؟} .