وَلَا الثَّوْرِيَّ وَتَعَلَّمُوا كَمَا تَعَلَّمْنَا. وَكَانَ يَقُولُ: مِنْ قِلَّةِ عِلْمِ الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ دِينَهُ الرِّجَالَ وَقَالَ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْلَمُوا مِنْ أَنْ يَغْلَطُوا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ} وَلَازِمُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ اللَّهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا فَيَكُونُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ فَرْضًا. وَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ: مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَدِلَّتِهَا السَّمْعِيَّةِ. فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَفَقِّهًا فِي الدِّينِ لَكِنْ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ لَا كُلُّ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ التَّفَقُّهِ وَيَلْزَمُهُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ؛ فَقِيلَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ كَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. وَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ هُوَ أَمْرًا وَاحِدًا لَا يَقْبَلُ التجزي وَالِانْقِسَامَ بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا فِي فَنٍّ أَوْ بَابٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ دُونَ فَنٍّ وَبَابٍ وَمَسْأَلَةٍ وَكُلُّ أَحَدٍ فَاجْتِهَادُهُ بِحَسَبِ وُسْعِهِ فَمَنْ نَظَرَ فِي مَسْأَلَةٍ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا وَرَأَى مَعَ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ نُصُوصًا لَمْ يَعْلَمْ لَهَا مُعَارِضًا بَعْدَ نَظَرِ مِثْلِهِ فَهُوَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute