للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاَلَّذِينَ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ هَذَا الْقَوْلُ لَهُمْ مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا مَنْعُ تَفَاضُلِ كَلَامِ اللَّهِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَقَدْ تَبَيَّنَ ضَعْفُهُ. الثَّانِي اعْتِقَادُهُمْ أَنَّ الْأَجْرَ يَتْبَعُ كَثْرَةَ الْحُرُوفِ فَمَا كَثُرَتْ حُرُوفُهُ مِنْ الْكَلَامِ يَكُونُ أَجْرُهُ أَعْظَمَ. قَالُوا: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ. أَمَّا إنِّي لَا أَقُولُ {الم} حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ} . قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. قَالُوا وَمَعْلُومٌ أَنَّ ثُلُثَ الْقُرْآنِ حُرُوفُهُ أَكْثَرُ بِكَثِيرِ فَتَكُونُ حَسَنَاتُهُ أَكْثَرَ. فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا حَقٌّ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنَّ الْحَسَنَاتِ فِيهَا كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْصُودُهُ أَنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} فَإِذَا قَرَأَ حَرْفًا كَانَ ذَلِكَ حَسَنَةً فَيُعْطِيهِ بِقَدْرِ تِلْكَ الْحَسَنَةِ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ: إنَّ الْحَسَنَاتِ فِي الْحُرُوفِ مُتَمَاثِلَةٌ. كَمَا أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِدِينَارِ يُعْطَى بِتِلْكَ الْحَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَالْوَاحِدُ مِنْ بَعْدِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ إذَا أَنْفَقَ مُدًّا كَانَ لَهُ بِهَذِهِ الْحَسَنَةِ عَشْرُ أَمْثَالِهَا. وَلَكِنْ