لَا تَكُونُ تِلْكَ الْحَسَنَةُ بِقَدْرِ حَسَنَةِ مَنْ أَنْفَقَ مُدًّا مِنْ الصَّحَابَةِ السَّابِقِينَ. وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ. فَكَذَلِكَ حُرُوفُ الْقُرْآنِ تَتَفَاضَلُ لِتَفَاضُلِ الْمَعَانِي وَغَيْرِ ذَلِكَ فَحُرُوفُ الْفَاتِحَةِ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا حَسَنَةٌ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَاتِ حُرُوفٍ مِنْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ يَعْدِلُ غَيْرَهُ فَعَدْلُ الشَّيْءِ - بِالْفَتْحِ - هُوَ مُسَاوِيهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} وَالصِّيَامُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ وَالْجَزَاءِ وَلَكِنَّهُ يُعَادِلُهُ فِي الْقَدْرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} أَيْ فِدْيَةٌ وَالْفِدْيَةُ مَا يَعْدِلُ بِالْمُفْدَى وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أَيْ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا أَيْ نِدًّا فِي الْإِلَهِيَّةِ وَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلِ أَمْوَالٌ مِنْ أَصْنَافٍ مُتَنَوِّعَةٍ وَلِآخَرَ ذَهَبٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ لَكَانَ مَالُ هَذَا يَعْدِلُ مَالَ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ؛ وَلِهَذَا قَدْ يَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ مِنْ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ مَا يَعْدِلُ شَيْئًا عَظِيمًا وَإِذَا احْتَاجَ إلَى دَوَاءٍ أَوْ مُرَكَّبٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى اشْتِرَائِهِ لَمْ تَنْفَعْهُ تِلْكَ الْأَمْوَالُ الْعَظِيمَةُ. فَالْقُرْآنُ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَى مَا فِيهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقَصَصِ. وَإِنْ كَانَ التَّوْحِيدُ أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا احْتَاجَ الْإِنْسَانُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الْأَفْعَالِ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute