وَهَذَا مِنْ الْعَجَبِ أَنَّ " مُقَدِّمَةً " وَقَعَ عَلَيْهَا الْإِجْمَاعُ هِيَ مَنْشَأُ الِاخْتِلَافِ وَالنِّزَاعِ فَرَضِيَ اللَّهُ عَمَّنْ بَيَّنَ لَنَا بَيَانًا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَيَجْمَعُ بَيْنَ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ وَإِيضَاحِ الدَّلِيلِ إنَّهُ تَعَالَى سَمِيعُ الدُّعَاءِ وَأَهْلُ الرَّجَاءِ وَهُوَ حَسَبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
فَأَجَابَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى " مُقَدِّمَتَيْنِ ". (إحْدَاهُمَا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْكَمَالَ ثَابِتٌ لِلَّهِ بَلْ الثَّابِتُ لَهُ هُوَ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ مِنْ الأكملية بِحَيْثُ لَا يَكُونُ وُجُودُ كَمَالٍ لَا نَقْصَ فِيهِ إلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى يَسْتَحِقُّهُ بِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ وَثُبُوتُ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ نَفْيَ نَقِيضِهِ؛ فَثُبُوتُ الْحَيَاةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْمَوْتِ وَثُبُوتُ الْعِلْمِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْجَهْلِ وَثُبُوتُ الْقُدْرَةِ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْعَجْزِ وَأَنَّ هَذَا الْكَمَالَ ثَابِتٌ لَهُ بِمُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ الْيَقِينِيَّةِ مَعَ دَلَالَةِ السَّمْعِ عَلَى ذَلِكَ. وَدَلَالَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْأُمُورِ (نَوْعَانِ: (أَحَدُهُمَا خَبَرُ اللَّهِ الصَّادِقُ فَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ. وَ (الثَّانِي دَلَالَةُ الْقُرْآنِ بِضَرْبِ الْأَمْثَالِ وَبَيَانِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ. فَهَذِهِ دَلَالَةٌ شَرْعِيَّةٌ عَقْلِيَّةٌ فَهِيَ " شَرْعِيَّةٌ " لِأَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَيْهَا وَأَرْشَدَ إلَيْهَا؛ وَ " عَقْلِيَّةٌ " لِأَنَّهَا تُعْلَمُ صِحَّتُهَا بِالْعَقْلِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا لَمْ تُعْلَمْ إلَّا بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute