لَوْ عَلِمَ إرَادَةَ نَوْعٍ قَطَعَ بِانْتِفَاءِ الْخُصُوصِ وَهَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْأَدِلَّةِ مِثْلَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِنُصُوصِ وَتَكُونُ مَنْسُوخَةً وَلَمْ يَبْلُغْهُ النَّاسِخُ كَاَلَّذِينَ نَهَوْا عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوْعِيَةِ وَعَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ النَّصُّ النَّاسِخُ. وَكَذَلِكَ الَّذِينَ صَلَّوْا إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ النَّسْخُ مِثْلَ مَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِالْبَوَادِي وَبِمَكَّةَ وَالْحَبَشَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَهَؤُلَاءِ غَيْرُ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى بَعْضُهُمْ صَلَاةً إلَى الْقِبْلَتَيْنِ: بَعْضُهَا إلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ وَبَعْضُهَا إلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ لَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخُ وَهُمْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَاسْتَدَارُوا فِي صَلَاتِهِمْ مِنْ جِهَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ إلَى جِهَةِ الْيَمَنِ. فَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَنَحْوُهُ مِنْ الَّذِينَ يَنْفُونَ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَاطِنِ حُكْمٌ مَطْلُوبٌ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ دَلِيلٍ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ: مَا ثَمَّ إلَّا الظَّنُّ الَّذِي فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِ وَالْأَمَارَاتُ لَا ضَابِطَ لَهَا وَلَيْسَتْ أَمَارَةٌ أَقْوَى مِنْ أَمَارَةٍ؛ فَإِنَّهُمْ إذَا قَالُوا ذَلِكَ لَزِمَهُمْ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَمِلَ بِالْمَرْجُوحِ دُونَ الرَّاجِحِ مُخْطِئًا وَعِنْدَهُمْ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ خَطَأٌ. وَأَمَّا السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: بَلْ الْأَمَارَاتُ بَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَطْلُبَ الْأَقْوَى فَإِذَا رَأَى دَلِيلًا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَرَ مَا يُعَارِضُهُ عَمِلَ بِهِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا كَانَ فِي الْبَاطِنِ مَا هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute