للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِثَالُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُ: أَنَا لَا أَطَأُ امْرَأَةً فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى اللَّهُ لِي بِوَلَدِ فَهُوَ يُولَدُ فَهَذَا جَاهِلٌ فَإِنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى بِالْوَلَدِ قَضَى أَنَّ أَبَاهُ يَطَأُ امْرَأَةً فَتَحْبَلُ فَتَلِدُ، وَأَمَّا الْوَلَدُ بِلَا حَبَلٍ وَلَا وَطْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُقَدِّرْهُ وَلَمْ يَكْتُبْهُ كَذَلِكَ الْجَنَّةُ إنَّمَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلَا إيمَانٍ كَانَ ظَنُّهُ بَاطِلًا وَإِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَهَا أَوْ لَا يَعْمَلَهَا كَانَ كَافِرًا وَاَللَّهُ قَدْ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ فَهَذَا الِاعْتِقَادُ يُنَاقِضُ الْإِيمَانَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ صَاحِبُهُ النَّارَ.

فَصْلٌ:

وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} فَمَنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ الْحُسْنَى: فَلَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ مُؤْمِنًا تَقِيًّا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مِنْ اللَّهِ حُسْنَى وَلَكِنْ إذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ سَابِقَةٌ اسْتَعْمَلَهُ بِالْعَمَلِ الَّذِي يَصِلُ بِهِ إلَى تِلْكَ السَّابِقَةِ كَمَنْ سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يُولَدَ لَهُ وَلَدٌ. فَلَا بُدَّ أَنْ يَطَأَ امْرَأَةً يُحْبِلَهَا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدَّرَ الْأَسْبَابَ وَالْمُسَبَّبَاتِ فَسَبَقَ مِنْهُ هَذَا وَهَذَا؛ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ أَحَدًا سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّهِ حُسْنَى بِلَا سَبَبٍ فَقَدْ ضَلَّ بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ مُيَسِّرُ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ وَهُوَ قَدْ قَدَّرَ فِيمَا مَضَى هَذَا وَهَذَا.