للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَارِقٍ وَلَا قُتِلَ قَاتِلٌ وَلَا أُقِيمَ حَدٌّ عَلَى ذِي جَرِيمَةٍ وَلَا جُوهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا أُمِرَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا نُهِيَ عَنْ الْمُنْكَرِ.

الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ سُئِلَ عَنْ هَذَا فَإِنَّهُ قَالَ: {مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نَدَعُ الْعَمَلَ، وَنَتَّكِلُ عَلَى الْكِتَابِ؟ قَالَ: لَا، اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ} . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فِيهِ وَيَكْدَحُونَ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتْ بِهِ الصُّحُفُ؟ أَمْ فِيمَا يَسْتَأْنِفُونَ مِمَّا جَاءَهُمْ بِهِ؟ - أَوْ كَمَا قِيلَ - فَقَالَ: بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَطُوِيَتْ بِهِ الصُّحُفُ فَقِيلَ فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ} .

الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّهَ عَلِمَ الْأُمُورَ وَكَتَبَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ قَدْ كَتَبَ أَنَّ فُلَانًا يُؤْمِنُ وَيَعْمَلُ صَالِحًا فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَفُلَانًا يَعْصِي وَيَفْسُقُ فَيَدْخُلُ النَّارَ؛ كَمَا عَلِمَ وَكَتَبَ أَنَّ فُلَانًا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَطَؤُهَا فَيَأْتِيهِ وَلَدٌ وَأَنَّ فُلَانًا يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَشْبَعُ، وَيُرْوَى وَأَنَّ فُلَانًا يَبْذُرُ الْبَذْرَ فَيَنْبُتُ الزَّرْعُ. فَمَنْ قَالَ: إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنَا أَدْخُلُهَا بِلَا عَمَلٍ صَالِحٍ كَانَ قَوْلُهُ قَوْلًا بَاطِلًا مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ الصَّالِحِ فَلَوْ دَخَلَهَا بِلَا عَمَلٍ كَانَ هَذَا مُنَاقِضًا لِمَا عَلِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّرَهُ.