صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي وَالْهِمَمُ عَلَى نَقْلِ مَا كَانَ يُفْعَلُ فِيهَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ فَجَزْمُ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمْ تَرَكُوا الْقِرَاءَةَ خَلْفَهُ حَالَ الْجَهْرِ بَعْدَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ: {وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا} وَلَمْ يَسْتَثْنِ فَاتِحَةً وَلَا غَيْرَهَا. وَتَحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إمَّا ضَعِيفَةُ الْأَصْلِ أَوْ لَمْ يَحْفَظْ رَاوِيهَا لَفْظَهَا وَأَنَّ مَعْنَاهَا كَانَ مِمَّا يُوَافِقُ سَائِرَ الرِّوَايَاتِ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُ الْأُصُولِ الْكُلِّيَّةِ الثَّابِتَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْمُحْتَمَلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَمَامُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ يَتَّضِحُ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ فَجَعَلَ رَجُلٌ يَقْرَأُ خَلْفَهُ بسبح اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَيُّكُمْ قَرَأَ؟ أَوْ أَيُّكُمْ الْقَارِئُ؟ قَالَ رَجُلٌ: أَنَا فَقَالَ: قَدْ ظَنَنْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خالجنيها} فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَرَأَ خَلْفَهُ فِي صَلَاةِ السِّرِّ بِزِيَادَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ لَهُمْ عَلَى الْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَهُ بِحَالِ أَوْ لَا يَقْرَأُ بِزِيَادَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ. وَقَوْلُهُ: " {قَدْ ظَنَنْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجْنِيهَا} لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ أَصْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute