بِالْحَقَائِقِ وَأَقْوَمَهُمْ قَوْلًا وَحَالًا: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهِ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ أَعْظَمُهُمْ مُوَافَقَةً لَهُ وَاقْتِدَاءً بِهِ أَفْضَلَ الْخَلْقِ. وَلَا يُقَالُ: هَذِهِ الْفِطْرَةُ يُغَيِّرُهَا مَا يُوجَدُ فِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مِنْ تَفْرِيطٍ وَعُدْوَانٍ لِأَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمْ أَكْثَرُ وَالْوَاجِبُ مُقَابَلَةُ الْجُمْلَةِ بِالْجُمْلَةِ فِي الْمَحْمُودِ وَالْمَذْمُومِ هَذِهِ هِيَ الْمُقَابَلَةُ الْعَادِلَةُ. وَإِنَّمَا غَيْرُ الْفِطْرَةِ قِلَّةُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَاتِّبَاعِ ذَلِكَ مَعَ مَا يُوجَدُ فِي الْمُخَالِفِينَ لَهَا مِنْ نَوْعِ تَحْقِيقٍ لِبَعْضِ الْعِلْمِ وَإِحْسَانٍ لِبَعْضِ الْعَمَلِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي قَبُولِ غَيْرِهِ وَتَرْجِيحِ صَاحِبِهِ. وَلَا غَرَضَ لَنَا فِي ذِكْرِ الْأَشْخَاصِ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ " مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ " وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأُمُورِ الْمُبَيِّنَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ: ذِكْرُ نَفْسِ الطَّرِيقَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ الَّتِي تُعْرَفُ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ الْخَبَرِيَّةِ النَّظَرِيَّةِ وَتُوَصِّلُ إلَى حَقَائِقِ الْأُمُورِ الْإِرَادِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ. فَمَتَى كَانَ غَيْرُ الرَّسُولِ قَادِرًا عَلَى عِلْمٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيَانٍ لَهُ أَوْ مَحَبَّةٍ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ؟ فَالرَّسُولُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ وَأَحْرَصُ عَلَى الْهُدَى وَأَقْدَرُ عَلَى بَيَانِهِ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأَتْبَاعُهُمْ. وَهَذِهِ صِفَاتُ الْكَمَالِ وَالْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ وَالْإِحْسَانِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute