للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالضَّرْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِي الَّتِي شَرَحَهَا الجوزجاني فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْمُتَرْجِمِ فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ: الْمُسَاوَاةُ متعذرة فِي ذَلِكَ فَيَرْجِعُ إلَى التَّعْزِيرِ؛ فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ هُوَ مُوجَبُ الْقِيَاسِ فَإِنَّ التَّعْزِيرَ عِقَابٌ غَيْرُ مُقَدَّرِ الْجِنْسِ وَلَا الصِّفَةِ وَلَا الْقَدْرِ وَالْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَمِنْ الْمَعْلُومِ الْأَمْرُ بِضَرْبِ يُقَارِبُ ضَرْبَهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ: أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَالْمُمَاثَلَةُ مِنْ عُقُوبَةٍ تُخَالِفُهُ فِي الْجِنْسِ وَالْوَصْفِ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ أَصْلًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُمَاثِلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُتَعَذَّرٌ حَتَّى فِي الْمَكِيلَاتِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا؛ فَإِنَّهُ إذَا أَتْلَفَ صَاعًا مِنْ بُرٍّ فَضَمِنَ بِصَاعِ مِنْ بُرٍّ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ أَحَدَ الصَّاعَيْنِ فِيهِ مِنْ الْحَبِّ مَا هُوَ مِثْلُ الْآخَرِ بَلْ قَدْ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا} فَإِنَّ تَحْدِيدَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مِمَّا قَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ الْبَشَرُ وَلِهَذَا يُقَالُ: هَذَا أَمْثَلُ مِنْ هَذَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنْهُ؛ إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

الْأَصْلُ الثَّالِثُ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ جَاءَتْ بِذَلِكَ آثَارٌ مَرْفُوعَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ كَعُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ كَمَا قَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذَا