الْمَوْضِعِ. فَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الثَّابِتَةِ بِالْأَدِلَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْقِيَاسِ الْعَادِلِ فَإِذَا طَاوَعَتْهُ فَقَدْ أَفْسَدَهَا عَلَى سَيِّدِهَا؛ فَإِنَّهَا مَعَ الْمُطَاوَعَةِ تَبْقَى زَانِيَةً: وَذَلِكَ يُنْقِصُ قِيمَتَهَا وَلَا يُمَكِّنُ سَيِّدَهَا مِنْ اسْتِخْدَامِهَا كَمَا كَانَتْ تُمْكِنُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِبُغْضِهِ لَهَا وَلِطَمَعِ الْجَارِيَةِ فِي السَّيِّدِ؛ وَلِاسْتِشْرَافِ السَّيِّدِ إلَيْهَا لَا سِيَّمَا وَيَعْسُرُ عَلَى سَيِّدِهَا فَلَا يُطِيعُهَا كَمَا كَانَتْ تُطِيعُهُ وَإِذَا تَصَرَّفَ بِالْمَالِ بِمَا يُنْقِصُ قِيمَتَهُ كَانَ لِصَاحِبِهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ فَقَضَى لَهَا بِالْمِثْلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَوْ رَضِيَتْ أَنْ تَبْقَى مِلْكًا لَهَا وَتُغَرِّمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْضِيُّ بِهِ مَا أُبِيحَ لَهَا وَلَكِنْ مُوجَبُ هَذَا أَنَّ الْأَمَةَ إذَا أَفْسَدَهَا رَجُلٌ عَلَى أَهْلِهَا حَتَّى طَاوَعَتْ عَلَى الزِّنَا فَلِأَهْلِهَا أَنْ يُطَالِبُوهُ بِبَدَلِهَا وَوَجَبَ مِثْلُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِثْلَ يَجِبُ فِي كُلِّ مَضْمُونٍ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا إذَا اسْتَكْرَهَهَا فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمُثْلَةِ؛ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْوَطْءِ مُثْلَةٌ فَإِنَّ الْوَطْءَ يَجْرِي مَجْرَى الْإِتْلَافِ. وَلِهَذَا قِيلَ: إنَّ مَنْ اسْتَكْرَهَ عَبْدَهُ عَلَى التلوط بِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ عَقْرٍ أَوْ عُقُوبَةٍ لَا تَجْرِي مَجْرَى مَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ فَهِيَ لَمَّا صَارَتْ لَهُ بِإِفْسَادِهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِثْلَهَا كَمَا فِي الْمُطَاوَعَةِ وَأَعْتَقَهَا عَلَيْهِ كَوْنُهُ مَثَّلَ بِهَا. وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إذَا اسْتَكْرَهَ عَبْدَهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَكْرَهَ أَمَةَ الْغَيْرِ عَلَى الْفَاحِشَةِ عَتَقَتْ وَضَمِنَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute