للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ: وَالْحَيْرَةُ مِنْ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: كَثْرَةُ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَ " الْآخَرُ " شِدَّةُ الشَّرِّ وَحَذَرُ الْإِيَاسِ - إخْبَارٌ عَنْ سُلُوكٍ مُعَيَّنٍ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ سَالِكٍ يَعْتَرِيه هَذَا وَلَكِنْ مِنْ السَّالِكِينَ مَنْ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ حَتَّى لَا يَدْرِيَ مَا يَقْبَلُ وَمَا يَرُدُّ وَمَا يَفْعَلُ وَمَا يَتْرُكُ وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ كَانَ كَذَلِكَ دَوَامَ الدُّعَاءِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالتَّضَرُّعُ إلَيْهِ وَالِاسْتِهْدَاءُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَكَذَلِكَ بِشِدَّةِ الشَّرِّ وَحَذِرِ الْإِيَاسِ فَإِنَّ فِي السَّالِكِينَ مَنْ يُبْتَلَى بِأُمُورِ مِنْ الْمُخَالَفَاتِ يَخَافُ مَعَهَا أَنْ يَصِيرَ إلَى الْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لِقُوَّةِ خَوْفِهِ وَكَثْرَةِ الْمُخَالَفَةِ عِنْدَ نَفْسِهِ وَمِثْلُ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَ سَعَةَ رَحْمَةِ اللَّهِ وَقَبُولَ التَّوْبَةِ مِنْ عِبَادِهِ وَفَرَحَهُ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْآخَرِ: نَازِلَةٌ تَنْزِلُ بِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالطَّمَعِ فَلَا تُطْمِعُهُمْ فِي الْوُصُولِ فَيَسْتَرِيحُونَ وَلَا تُؤَيِّسُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فَيَسْتَرِيحُونَ فَيُقَالُ: هَذَا أَيْضًا حَالٌ عَارِضٌ لِبَعْضِ السَّالِكِينَ لَيْسَ هَذَا أَمْرًا لَازِمًا لِكُلِّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ اللَّهِ وَلَا هُوَ أَيْضًا غَايَةٌ مَحْمُودَةٌ " وَلَكِنَّ بَعْضَ السَّالِكِينَ يَعْرِضُ لَهُ هَذَا. كَمَا يُذْكَرُ عَنْ الشِّبْلِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَنْشُدُ فِي هَذَا الْمَعْنَى: