{وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} وُصِفَ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَمُدِحَ بِهَا وَأُثْنِيَ عَلَيْهِ بِهَا. وَكَانَتْ كُلُّ صِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ مُسْتَوْجِبَةً لِذَلِكَ.
فَصْلٌ:
قَالَ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} . فَأَطْلَقَ الْخَلْقَ وَالتَّسْوِيَةَ وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْإِنْسَانَ كَمَا أَطْلَقَ قَوْلَهُ بَعْدَ {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} لَمْ يُقَيِّدْهُ. فَكَانَ هَذَا الْمُطْلَقَ لَا يَمْنَعُ شُمُولَهُ لِشَيْءِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ. وَقَدْ بَيَّنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ شُمُولَهُ فِي قَوْلِهِ: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} . وَقَدْ ذَكَرَ الْمُقَيَّدَ بِالْإِنْسَانِ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} . وَقَدْ ذَكَرَ الْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ فِي أَوَّلِ مَا نَزَّلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} . وَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الْآيَاتِ مُطْلَقِهَا وَمُقَيَّدِهَا وَالْجَامِعِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ قَدْ ذَكَرَ خَلْقَهُ وَذَكَرَ هِدَايَتَهُ وَتَعْلِيمَهُ بَعْدَ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute