للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ أَوْ قِيَامٍ} . وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَصِلُ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا بِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ فَكَيْفَ يُسَوِّغُونَ أَنْ يَصِلَ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ إلَّا رَكْعَتَانِ بِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ؟ وَأَيْضًا فَلِمَاذَا وَجَبَ عَلَى الْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ؟ وَأَيْضًا فَيَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُقِيمُ أَرْبَعًا خَلْفَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ. وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ مِنْ جِنْسِ صَلَاةِ الْمُقِيمِ فَإِنَّهُ قَدْ سَلَّمَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ يُصَلِّيَ هَذَا خَلْفَ هَذَا كَمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ هَذَا كَمَنَ صَلَّى الظُّهْرَ قَضَاءً خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الْفَجْرَ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إنْ الْمُسَافِرَ فَرْضُهُ أَرْبَعٌ وَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ رَكْعَتَيْنِ بِالْقَصْرِ فَقَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْأُصُولِ وَهُوَ قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ. فَإِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ يَمْلِكُ الْمُسَافِرُ إسْقَاطَهُمَا لَا إلَى بَدَلٍ وَلَا إلَى نَظِيرِهِ وَهَذَا يُنَاقِضُ الْوُجُوبَ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ وَاجِبًا