الْمَصْلَحَةِ وَالْخَيْرِ فَيُرَجِّحُونَهُ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا دَلِيلًا مِنْ النَّصِّ عَلَى حُسْنِهِ وَأُولَئِكَ إنَّمَا يُرَجِّحُونَ مِنْ النُّصُوصِ وَمَا اُسْتُنْبِطَ مِنْهَا. فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ الْقُرْآنُ وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ الْإِيمَانُ. وَسَبَبُ هَذَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ خَفِيَ عَلَيْهِ مَا مَعَ الْأُخْرَى مِنْ الْحَقِّ، وَكُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فِي طَرِيقِهَا حَقٌّ وَبَاطِلٌ.
فَأَمَّا الْمُدَّعُونَ لِلْحَقِيقَةِ بِدُونِ مُرَاعَاةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الشَّرْعِيَّيْنِ فَهُمْ ضَالُّونَ؛ كَاَلَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَلَا يَفْعَلُونَ إلَّا مَا يَهْوُونَهُ مِنْ الْكَبَائِرِ فَإِنَّهُمْ فُسَّاقٌ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: " احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ ". وَ " الْحَقِيقَةُ " قَدْ تَكُونُ قَدَرِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ ذَوْقِيَّةً وَقَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً وَلَفْظُ " الشَّرْعِ " يَتَنَاوَلُ الْمُنَزَّلَ وَالْمُؤَوَّلَ وَالْمُبَدَّلَ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ أَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ، وَالْكَلَامُ عَلَى حَالِ أَهْل الْعِبَادَةِ وَالْإِرَادَةِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَنْ الْهَوَى وَهُوَ الْفَرْقُ الطَّبْعِيُّ وَقَامُوا بِمَا عَلِمُوهُ مِنْ الْفَرْقِ الشَّرْعِيِّ. وَبَقِيَ " قِسْمٌ ثَالِثٌ " لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ فَرْقٌ طَبْعِيٌّ وَلَا عِنْدَهُمْ فِيهِ فَرْقٌ شَرْعِيٌّ فَهُوَ الَّذِي جَرَوْا فِيهِ مَعَ الْفِعْلِ وَالْقَدَرِ. وَأَمَّا مَنْ جَرَى مَعَ الْفَرْقِ الطَّبْعِيِّ إمَّا عَالِمًا بِأَنَّهُ عَاصٍ وَهُوَ الْعَالِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute