لَمْ يَتُبْ فَلَهُ نَصِيبٌ مِنْ عَالِمِ السُّوءِ؛ وَلِهَذَا تَشَاجَرَ رَجُلَانِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ عَامَ الْحَكَمَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا. فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إنَّمَا مَثَلُك مِثْلُ الْكَلْبِ؛ إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ. وَقَالَ الْآخَرُ: أَنْتَ كَالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا؛ فَهَذَا أَحْسَنُ قَصْدًا وَأَقْوَى عِلْمًا. وَلِهَذَا تَجِدُ أَصْحَابَ حُسْنِ الْقَصْدِ إنَّمَا يَعِيبُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ اتِّبَاعَ الْهَوَى وَحُبَّ الدُّنْيَا وَالرِّئَاسَةَ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعِيبُونَ عَلَى أُولَئِكَ نَقْصَ عِلْمِهِمْ بِالشَّرْعِ، وَعُدُولَهُمْ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَهَذَا هَذَا. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمَسْئُولُ أَنْ يَهْدِيَنَا إلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ (أَهْلِ الْفِقْهِ وَالزُّهْدِ) : مِنْ النَّاسِ مَنْ سَلَكَ " الشَّرِيعَةَ " وَمِنْهُمْ مَنْ سَلَكَ " الْحَقِيقَةَ ". وَلَعَلَّهُ أَرَادَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُرَجِّحُونَ بِمَا يُيَسِّرُهُ اللَّهُ مَعَ حُسْنِ الْقَصْدِ وَاتِّبَاعِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْمَعْلُومِ لَهُمْ مَعَ خَفَاءِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْمُتَيَسَّرِ لَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يُرَجِّحُونَ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ الظَّوَاهِرِ وَالْأَقْيِسَةِ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ مَعَ خَفَاءِ الْأَمْرِ الْمُتَيَسَّرِ لَهُمْ. وَ (أَيْضًا فَهَؤُلَاءِ) قَدْ يَشْهَدُونَ مَا فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute