الْكَافِرُ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ طَلَّقَ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا ذِمِّيٌّ وَوَطِئَهَا لَمْ يُحِلَّهَا عِنْدَهُ وَلَوْ وَطِئَ ذِمِّيًّ ذِمِّيَّةً بِنِكَاحِ لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ مُحْصِنًا. وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ يُخَالِفُونَهُ فِي هَذَا. وَأَمَّا كَوْنُهُ صَحِيحًا فِي لُحُوقِ النَّسَبِ وَثُبُوتِ - الْفِرَاشِ: فَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ؛ بَلْ لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ أُقِرَّا عَلَى نِكَاحِهِمَا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَا لَا يُقَرَّانِ عَلَى وَطْءِ شُبْهَةٍ وَقَدْ احْتَجَّ النَّاسُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} وَقَوْلِهِ {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} وَقَالُوا: قَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ " امْرَأَةً " وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِينَ أَهْلَ حَرْبٍ يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ. وَمُشْرِكِينَ أَهْلَ عَهْدٍ لَا يُقَاتِلُهُمْ وَلَا يُقَاتِلُونَهُ. وَكَانَ إذَا هَاجَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ؛ فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تُنْكَحَ رُدَّتْ إلَيْهِ. فَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ لَمْ يُرَدَّ وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؛ وَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الفهري فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute