للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ سَمِعُوا صَوْتَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَفْهَمُوا وَقَالُوا: مَاذَا قَالَ آنِفًا؟ أَيْ السَّاعَةَ وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ قَوْلَهُ فَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} . فَمَنْ جَعَلَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ غَيْرَ عَالِمِينَ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَسَّرُوا لِلتَّابِعِينَ الْقُرْآنَ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ

وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَأَتَيْته وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ نُقِلَ عَنْهُ مِنْ التَّفْسِيرِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ. وَالنُّقُولُ بِذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَابِتَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا؛ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ.