حَالِمٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ هَذَا التَّقْدِيرَ وَكَانَ ذَلِكَ جِزْيَةً وَكَذَلِكَ صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ عَلَى أَمْوَالٍ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا مُقَدَّرَةٍ بِذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهَا إلَى مَا يَرَاهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ مَصْلَحَةً وَمَا يَرْضَى بِهِ الْمُعَاهِدُونَ فَيَصِيرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَقًّا يَجْزُونَهُ أَيْ: يَقْصِدُونَهُ وَيُؤَدُّونَهُ. وَأَمَّا الدِّيَةُ فَفِي الْعَمْدِ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى رِضَى الْخَصْمَيْنِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَوَجَبَتْ عَيْنًا بِالشَّرْعِ فَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِيهَا إلَى تَرَاضِيهِمْ بَلْ قَدْ يُقَالُ: هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ تَقْدِيرًا عَامًّا لِلْأُمَّةِ كَتَقْدِيرِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَقْوَالِ النَّاسِ فِي جِنْسِهَا وَقَدْرِهَا وَهَذَا أَقْرَبُ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ الْآثَارُ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا جَعَلَهَا مِائَةً لِأَقْوَامٍ كَانَتْ أَمْوَالُهُمْ الْإِبِلَ؛ وَلِهَذَا جَعَلَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ ذَهَبًا؛ وَعَلَى أَهْلِ الْفِضَّةِ فِضَّةً؛ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ شَاءً؛ وَعَلَى أَهْلِ الثِّيَابِ ثِيَابًا؛ وَبِذَلِكَ مَضَتْ سِيرَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ.
فَصْلٌ:
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} {إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك} وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّ مَا حُرِّمَ وَطْؤُهُ بِالنِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute