للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسَمَّى بِالزَّمَانِ فَإِنَّ الزَّمَانَ إذَا قِيلَ: إنَّهُ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ كَانَ جِنْسُ الزَّمَانِ مِقْدَارَ جِنْسِ الْحَرَكَةِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارَ حَرَكَةِ الشَّمْسِ أَوْ الْفَلَكِ.

وَأَهْلُ الْمِلَلِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَخَلَقَ ذَلِكَ مِنْ مَادَّةٍ كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ هَذِهِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الدُّخَانُ الَّذِي هُوَ الْبُخَارُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} وَهَذَا الدُّخَانُ هُوَ بُخَارُ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ حِينَئِذٍ مَوْجُودًا كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْكِتَابِ كَمَا ذُكِرَ هَذَا كُلُّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ لَمْ تَكُنْ مِقْدَارَ حَرَكَةِ هَذِهِ الشَّمْسِ وَهَذَا الْفَلَكِ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا خُلِقَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بَلْ تِلْكَ الْأَيَّامُ مُقَدَّرَةٌ بِحَرَكَةِ أُخْرَى. وَكَذَلِكَ إذَا شَقَّ اللَّهُ هَذِهِ السَّمَوَاتِ وَأَقَامَ الْقِيَامَةَ وَأَدْخَلَ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ تَعَالَى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} . وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَتَجَلَّى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَنَّ أَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً مَنْ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ وَلَا هُنَاكَ حَرَكَةُ فَلَكٍ بَلْ ذَلِكَ الزَّمَانُ مُقَدَّرٌ بِحَرَكَاتِ كَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ بِأَنْوَارِ تَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْعَرْشِ.