وَلِهَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} . وَقَالَ فِي كَلِمَةِ الشِّرْكِ {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} . فَلَيْسَ لَهَا أَسَاسٌ ثَابِتٌ وَلَا فَرْعٌ ثَابِتٌ إذْ كَانَتْ بَاطِلَةً كَأَقْوَالِ الْكَاذِبِينَ وَأَعْمَالِهِمْ. بَلْ هِيَ أَعْظَمُ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ مَعَ الْحُبِّ لَهَا. وَالشِّرْكُ أَعْظَمُ الظُّلْمِ. {قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْ الذَّنْبِ أَعْظَمُ. قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك} ". فَنَفْسُ تَأَلُّهِهِمْ لَهَا وَعِبَادَتِهِمْ إيَّاهَا وَتَعْظِيمِهَا وَحُبِّهَا وَدُعَائِهَا وَاعْتِقَادِهَا آلِهَةً وَالْخَبَرُ عَنْهَا بِأَنَّهَا آلِهَةٌ مَوْجُودٌ كَمَا كَانَ اعْتِقَادُ الْكَذَّابِينَ مَوْجُودًا. وَأَمَّا نَفْسُ اتِّصَافِهَا بِالْإِلَهِيَّةِ فَمَفْقُودٌ كَاتِّصَافِ مُسَيْلِمَةَ بِالنُّبُوَّةِ.
فَهُنَا حَالَانِ حَالٌ لِلْعَابِدِ وَحَالٌ لِلْمَعْبُودِ. فَأَمَّا الْعَابِدُونَ فَكُلُّهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ عِبَادَةٌ وَتَأَلُّهٌ لِمَنْ عَبَدُوهُ. وَأَمَّا الْمَعْبُودُونَ فَالرَّحْمَنُ لَهُ الْإِلَهِيَّةُ وَمَا سِوَاهُ لَا إلَهِيَّةَ لَهُ بَلْ هُوَ مَيِّتٌ لَا يَمْلِكُ لِعَابِدِيهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا. {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إذًا لَابْتَغَوْا إلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} وَهُوَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ {سَبِيلًا} بِالتَّقَرُّبِ بِعِبَادَتِهِ وَذِكْرِهِ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهَا {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute