للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} فَأَخْبَرَ عَنْ الْخَلَائِقِ كُلِّهَا أَنَّهَا تُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ. وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. فَقَوْلُهُ {نَعْبُدُ إلَهَكَ} {إلَهًا وَاحِدًا} إذَا قِيلَ إنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ الْفَاعِلِ الْعَابِدِ أَوْ مِنْ الْمَفْعُولِ الْمَعْبُودِ. فَالْأَوَّلُ: نَعْبُدُهُ فِي حَالِ كَوْنِنَا مُخْلِصِينَ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ. وَالثَّانِي نَعْبُدُهُ فِي الْحَالِ اللَّازِمَةِ لَهُ وَهُوَ أَنَّهُ إلَهٌ وَاحِدٌ فَنَعْبُدُهُ مُخْلِصِينَ مُعْتَرِفِينَ لَهُ بِأَنَّهُ الْإِلَهُ وَحْدَهُ دُونَ مَا سِوَاهُ. فَإِنْ كَانَ التَّقْدِيرُ هَذَا الثَّانِي امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُ عَابِدًا لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْبُدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَيْسَتْ لَهُ حَالٌ أُخْرَى نَعْبُدُهُ فِيهَا. وَإِنْ كَانَ التَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ نَعْبُدَهُ فِي حَالٍ أُخْرَى نَتَّخِذُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى فِي أَنْفُسِنَا. لَكِنَّ قَوْلَهُ {إلَهًا وَاحِدًا} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مِنْ الْمَعْبُودِ بِخِلَافِ مَا إذَا قِيلَ: نَعْبُدُهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينُ فَإِنَّ هَذِهِ حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ. وَلِهَذَا يَأْتِي هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرًا كَقَوْلِهِ {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} وَقَوْلِهِ {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} . فَهَذَا حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ