للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّهُ يَكُونُ تَارَةً مُخْلِصًا وَتَارَةً مُشْرِكًا. وَأَمَّا الرَّبُّ تَعَالَى فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا إلَهًا وَاحِدًا. وَالْحَالُ وَإِنْ كَانَتْ صِفَةً لِلْمَفْعُولِ فَهِيَ أَيْضًا حَالٌ لِلْفَاعِلِ. فَإِنَّهُمْ قَالُوا: نَعْبُدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ. فَلَزِمَ أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُ لَيْسَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَالِ. وَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ {نَعْبُدُ إلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ} . . . {إلَهًا وَاحِدًا} هِيَ حَالٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ جَمِيعًا بِالْعَابِدِ وَالْمَعْبُودِ. فَإِنَّ الْعَامِلَ فِيهَا الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْعِبَادَةُ وَهِيَ فِعْلُ الْعَابِدِ وَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَفْعُولُ فِي الْعَرَبِيَّةِ هُوَ الْمَعْبُودُ. كَمَا قِيلَ فِي الْجُمْلَةِ {وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . قِيلَ: هِيَ وَاوُ الْعَطْفِ وَقِيلَ وَاوُ الْحَالِ أَيْ نَعْبُدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ. قَالُوا: وَهِيَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ " نَعْبُدُ " أَوْ مَفْعُولِهِ لِرُجُوعِ الْهَاءِ إلَيْهِ فِي " لَهُ " وَهَذَا التَّرْدِيدُ غَلَطٌ إذْ هِيَ حَالٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا. فَإِنَّهُمْ إذَا عَبَدُوهُ وَهُمْ مُسْلِمُونَ فَهُمْ مُسْلِمُونَ حَالَ كَوْنِهِمْ عَابِدِينَ وَحَالَ كَوْنِهِ مَعْبُودًا إذْ كَوْنُهُمْ عَابِدِينَ وَكَوْنِهِ مَعْبُودًا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِمُقَارَنَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. فَالظَّرْفُ وَالْحَالُ هُنَا كَلِمَةٌ وَلَيْسَتْ مُفْرَدًا وَلِهَذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ. فَإِنَّ الْمُفْرَدَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ صِفَةً لِهَذَا وَهَذَا. فَإِذَا قُلْت: ضَرَبْت زَيْدًا قَاعِدًا فَالْقُعُودُ حَالٌ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. وَإِذَا قُلْت: ضَرَبْته وَالنَّاسُ