لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ؛ دَعْ غَيْرَهُمْ مِنْ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَئِمَّتِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْبَاقِلَانِي فِي كِتَابِ " الدَّقَائِقِ ". فَأَمَّا الشِّعْرِيُّ - وَهُوَ مَا يُفِيدُ مُجَرَّدَ التَّخْيِيلِ وَتَحْرِيكِ النَّفْسِ - وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَقْيِسَةَ خَمْسَةً: الْبُرْهَانِيَّ وَالْخَطَابِيَّ وَالْجَدَلِيَّ وَالشِّعْرِيَّ وَالْمُغَلِّطِيَّ السُّوفِسْطَائِيَّ. وَهُوَ مَا يُشْبِهُ الْحَقَّ وَهُوَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْحِكْمَةُ الْمُمَوَّهَةُ - فَلَا غَرَضَ لَنَا فِيهِ هُنَا وَلَكِنَّ غَرَضَنَا تِلْكَ الثَّلَاثَةُ. قَالُوا: " الْجَدَلِيُّ " مَا سَلَّمَ الْمُخَاطَبُ مُقَدِّمَاتِهِ و " الْخِطَابِيُّ " مَا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُهُ مَشْهُورَةً بَيْنَ النَّاسِ و " الْبُرْهَانِيُّ " مَا كَانَتْ مُقَدِّمَاتُهُ مَعْلُومَةً.
وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ تَكُونُ - مَعَ كَوْنِهَا خَطَابِيَّةً أَوْ جَدَلِيَّةً - يَقِينِيَّةً بُرْهَانِيَّةً بَلْ وَكَذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا شِعْرِيَّةً وَلَكِنْ هِيَ مِنْ جِهَةِ التَّيَقُّنِ بِهَا: تُسَمَّى بُرْهَانِيَّةً وَمِنْ جِهَةِ شُهْرَتِهَا عِنْدَ عُمُومِ النَّاسِ وَقَبُولِهِمْ لَهَا: تُسَمَّى خَطَابِيَّةً وَمِنْ جِهَةِ تَسْلِيمِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ لَهَا: تُسَمَّى جَدَلِيَّةً. وَهَذَا كَلَامُ أُولَئِكَ الْمُبْتَدِعَةِ مِنْ الصَّابِئَةِ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا النُّبُوَّاتِ وَلَا تَعَرَّضُوا لَهَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ. وَعَدَمُ التَّصْدِيقِ لِلرُّسُلِ وَاتِّبَاعِهِمْ كُفْرٌ وَضَلَالٌ. وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَكْذِيبَهُمْ فَالْكُفْرُ وَالضَّلَالُ أَعَمُّ مِنْ التَّكْذِيبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute